كتاب الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (اسم الجزء: 5)

أم القرى أي: ولتنذر الذين آمنوا، فيكون «يؤمنون» حالاً من الموصول، وليست حالاً مؤكدة لما تقدم لك مِنْ تسويغ وقوعه خبراً وهو اختلاف المتعلق، والهاء في «به» تعود على القرآن أو على الرسول. {وَهُمْ على صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ} حال، وقدَّم «على صَلاتهم» لأجل الفاصلة. وذكر أبو علي في «الروضة» أن أبا بكر قرأ «على صلواتهم» جمعاً.
قوله تعالى: {كَذِباً} : فيه أربعة أوجه، أحدها: أنه مفعول «افترى» أي: اختلقَ كَذِباً وافتعله. الثاني: أنه مصدرٌ له على المعنى أي: افترى افتراءً، وفي هذا نظر؛ لأنَّ المعهود في مثل ذلك إنما هو فيما كان المصدر فيه نوعاً من الفعل نحو: «قعد القرفصاء» أو مرادفاً له ك «قعدت جلوساً» أمَّا/ ما كان المصدر فيه أعمَّ من فعله نحو: افترى كذباً وَتَقَرْفَصَ قعوداً، فهذا غيرُ معهود إذ لا فائدة فيه، والكذبُ أعمُّ من الافتراء، وقد تقدم تحقيقه. الثالث: أنه مفعول من أجله أي: افترى لأجل الكذب. الرابع: أنه مصدر واقع موقع الحال أي: افترى حال كونه كاذباً وهي حال مؤكدة. وقوله «أو قال» عطف على افترى، و «إلى» في محل رفع لقيامه مقام الفاعل. وجَوَّز أبو البقاء أن يكون القائم مقام الفاعل ضمير المصدر قال: «تقديره: أُوحي إليَّ الوحيُ أو الإِيحاء» ، والأول أولى؛ لأن فيه فائدةً جديدة بخلاف الثاني فإن معنى المصدر مفهوم من الفعل قبله.
قوله: {وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ} جملة حالية، وحُذِف الفاعل هنا تعظيماً له لأنَّ الموحي هو الله تعالى. وقوله: «ومن قال» مجرور المحل لأنه نَسَقٌ على «مَنْ» المجرور ب مِنْ أي: وممَّن قال. وقد تقدَّم نظير هذا الاستفهام في البقرة،

الصفحة 40