كتاب الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (اسم الجزء: 6)

سيبويه: أنه منصوبٌ بفعل مقدر تقديره تَدْأَبون. والثاني وهو قول أبي العباس: أنه منصوب بتزرعون لأنه من معناه، فهو من باب «قَعَدْتُ القُرْفُصاء» . وفيه نظر لأنه ليس نوعاً خاصاً به بخلاف القرفصاء مع القعود. / والثالث: أنه واقعٌ موقع الحال فيكون فيه الأوجه المعروفة: إمَّا المبالغةُ، وإمَّا وقوعُه موقعَ الصفة، وإمَّا على حذف مضاف، أي: دائِبين أو ذوي دأب، أو جَعَلهم نفسَ الدَأَب مبالغة. وقد تقدَّم الكلامُ على «الدأب» في آل عمران عند قوله: {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ} [الآية: 11] .
قوله: {فَمَا حَصَدتُّمْ} «ما» يجوز أن تكونَ شرطيةً أو موصولةً. وقرأ أبو عبد الرحمن «يأكلون» بالغَيْبة، أي: الناس، ويجوز أن يكونَ التفاتاً.
وقوله تعالى: {سَبْعٌ شِدَادٌ} : حُذِف المميِّز وهو الموصوف لدلالة ما تقدَّم عليه. ونَسَبَ الأكلَ إليهنَّ مجازاً كقوله: {والنهار مُبْصِراً} [يونس: 67] لمَّا كان الأكلُ والإِبصارُ فيهما جُعِلا كأنهما واقعان فيهما.
قوله تعالى: {يُغَاثُ الناس} : يجوز أن تكون الألف عن واو، وأن تكون عن ياء: إمَّا مِن الغَوْث وهو الفَرَج، وفعلُه رباعيٌّ يُقال: أغاثَنا اللَّه، مِن الغَوْث، وإمَّا مِن الغَيْث وهو المطرُ يُقال: «غِيْثَتِ البلاد» ، أي: مُطِرَتْ، وفعلُه ثلاثي يقال: غاثنا اللَّه مِن الغَيْث. وقالت أعرابية: «غِثْنا ما شِئْنا» ، أي: مُطِرْنا ما أَرَدْنا «.

الصفحة 510