كتاب الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (اسم الجزء: 7)

أَعْمِدُه عَمْداً، أي: أدْعَمْتُه فاعتمد الحائطُ على العِماد. والعَمَدُ: الأساطينُ. قال النابغة:
284 - 1- وخَيَّسَ الجنَّ إني قد أَذِنْتُ لهمْ ... يَبْنُون تَدْمُرَ بالصُّفَّاح والعَمَدِ
والعَمْدُ: هو قَصْدُ الشيءِ والاستنادُ إليه، فهو ضِدُّ السهو، وعمودُ الصبح: ابتداءُ ضوئِه تشبيهاً بعمود الحديد في الهيئة، والعُمْدَةُ: ما يُعتمد عليه مِنْ مالٍ وغيرِهِ، والعَميد: السيِّدُ الذي يَعْمِدُه الناسُ، أي: يَقْصِدُونه.
قوله: {تَرَوْنَهَا} في الضميرِ المنصوبِ وجهان، أحدهما: أنه عائدٌ على «عَمَد» وهو أقربُ مذكورٍ، وحينئذٍ تكون الجملةُ في محل جرٍّ صفةً ل «عَمَد» ، ويجيءُ فيه الاحتمالان المتقدمان: من كونِ العَمَد موجودةً، لكنها لا تُرى، أو غيرَ موجودةٍ البتةَ.
والثاني: أن الضميرَ عائدٌ على «السماوات» . ثم في هذه الجملة وجهان، أحدُهما: أنها مستأنفةٌ لا محلَّ لها، أي: استشهد برؤيتهم لها كذلك، ولم يَذْكر الزمخشريُّ غيرَه. والثاني: أنها في محلِّ نصبٍ على الحال مِن «السماوات» ، وتكونُ حالاً مقدرة؛ لأنها حين رَفْعِها لم نكن مَخْلُوْقِينَ، والتقدير: رَفَعَها مَرْئيةً لكم.
وقرأ اُبَيٌّ «تَرَوْنَه» مراعاةً للفظ «عَمَدَ» إذ هو اسمُ جمعٍ. وهذه القراؤةُ رجَّح بها الزمخشريُّ كونَ الجملةِ صفةً ل «عَمَد» .

الصفحة 10