كتاب الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (اسم الجزء: 7)

قوله تعالى: {هذا البلد آمِناً} : مفعولا الجَعْلِ التصييري، وقد تقدَّم تحريرُه في البقرة. قال الزممخشري: «فإن قلت: أيُّ فَرْقٍ بين قولِه {اجعل هذا بَلَداً آمِناً} [البقرة: 126] وبين قولِه {هذا البلد آمِناً} ؟ قلت: قد سأل في الأول أن يجعلَه مِنْ جملة البلادِ التي يأْمَنُ أهلُها ولا يخافون، وفي الثاني أن يُخْرجَه مِنْ صفةٍ كان عليها من الخوفِ إلى ضِدِّها من الأمنِ، كأنه قال: هو بلدٌ مَخُوفٌ فاجْعَلْه آمِناً» .
قوله: {واجنبني} يُقال: جَنَبَه شرَّاً، / وأَجْنَبَه إياه، ثلاثياً، ورباعياً، وهي لغةُ نجدٍ، وجَنِّبه إياه مشدداً، وهي لغةُ الحجازِ، وهو المَنْعُ، وأصلُه مِنَ الجانب. وقال الراغب: «وقولُه تعالى: {واجنبني وَبَنِيَّ} مِنْ جَنَبْتُه عن كذا، أي: أَبْعَدْتُه منه. وقيل: مِنْ جَنَبْتُ الفَرَسَ كأنما أن يقودَه عن جانبِ الشِّرْك بألطافٍ منه وأسبابٍ خفيَّةٍ» .
و {أَن نَّعْبُدَ} على حَذْفِ الحرف، أي: عن أن. وقرأ الجحدريُّ وعيسى الثقفي «وأَجْنِبْني» بقطعِ الهمزة مِنْ أَجْنَبَ.
والضميرُ في «إنَّهُنَّ» و «أَضْلَلْنَ» عائدٌ على الأصنامِ لأنها جمعُ تكسيرٍ غيرُ عاقلٍ. وقوله «مني» ، أي: من أشياعي.
قوله: {وَمَنْ عَصَانِي} شرطٌ، ومحلُّ «مَنْ» الرفعُ بالابتداءِ، والجوابُ {فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} والعائدُ محذوفٌ، اي: له.

الصفحة 111