كتاب الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (اسم الجزء: 7)

ما» نكرةٌ موصوفةٌ بالجملةِ الواقعة بعدها، والعائدُ على «ما» محذوفٌ، تقديره: رُبَّ شيءٍ يَوَدُّه الذين كفروا.
وقوله: {يَوَدُّ الذين كَفَرُواْ} مَنْ لم يلتزمْ مُضِيَّ متعلِّقِها لم يَحْتَجْ إلى تأويلٍ، ومَنْ التَزَم ذلك قال: لأن المُتَرَقَّب في أخبار الله تعالى واقعٌ لا محالةَ، فعبَّر عنه بالماضي تحقيقاً لوقوعِه، كقوله: {أتى أَمْرُ الله} [النحل: 1] ونحوِه.
قوله: {لَوْ كَانُواْ} يجوز في «لو» أن تكونَ الامتناعيةَ، وحينئذٍ يكون جوابُها محذوفاً. تقديره: لو كانوا مسلمين لسُرُّوا بذلك، أو لَخَلصوا ممَّا هم فيه. ومفعولُ «يَوَدُّ» محذوفٌ على هذا التقديرِ: أي: رُبَّما يودُّ الذين كفروا النجاةَ، دَلَّ عليه الجملةُ الامتناعية.
والثاني: أنها مصدرية عند مَنْ يرى ذلك كما تقدَّم تقريرُه في البقرة. وحينئذٍ يكون هذا المصدرُ هو المفعولَ للوَدادة، أي: يَوَدُّون كونَهم مسلمين، إنْ جعلنا «ما» كافةً، وإنْ جعلناها نكرةً كانت «لو» وما في حَيِّزِها بدلاً مِنْ «ما» .
قوله تعالى: {ذَرْهُمْ} : هذا لا يُستعمل له ماضٍ إلا قليلاً استغناءً عنه ب «تَرَكَ» بل يُستعمل منه المضارعُ نحو: {وَيَذَرُهُمْ} [الأعراف: 186] . ومن مجيء الماضي قولُه عليه السلام: «ذَرُوا الحبشة ما وَذَرَتْكم» ، ومثله: دَعْ

الصفحة 140