كتاب الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (اسم الجزء: 7)

قولَه فيها: {إِنَّا مُنَجُّوكَ} [الآية: 33] فهما جاريان على سَنَنٍ واحد.
وقد وافقهما ابنُ كثير/ وأبو بكر على تخفيف «مُنْجوك» كأنهما جمعا بين اللغتين. وباقي السبعة بتشديد الكلِّ، والتخفيفُ والتشديدُ لغتان مشهورتان مِنْ نَجَّى وأَنْجَى كأَنْزَلَ ونَزَّل، وقد نُطِقَ بفعلهما قال: {فَلَمَّا نَجَّاهُمْ} [العنكبوت: 65] وفي موضعٍ آخرَ {أَنجَاهُمْ} [يونس: 23] .
قوله: «قَدَّرْناها» أبو بكر بتخفيف [الدال] والباقون بتشديدها، وهما لغتان: قَدَرَ وقدَّر، وهذا الخلافُ أيضاً جارٍ في سورة النمل.
قوله: «إنَّها» كُسِرتْ من أجلِ اللامِ في خبرها وهي معلِّقةٌ لِما قبلها، لأنَّ فِعْلَ التقديرِ يُعَلَّقُ إجراءً له مُجْرى العِلْم: إمَّا لكونِه بمعناه، وإمَّا لأنَّه مترتِّبٌ عليه. قال الزمخشري: «فإن قلتَ» لِمَ جاز تعليقُ فِعْلِ التقدير في قوله «قَدَّرْنَآ إِنَّهَا» ، والتعليق مِنْ خصائصِ أفعالِ القلوب؟ قلت: لتضمُّنِ فِعْلِ التقدير معنى العِلْمِ «. قال الشيخ:» وكُسِرَتْ «إنها» إجراءً لفعل التقدير مُجْرى العِلْم «. قلت: وهذا لا يَصِحُّ علةً لكسرِها، إنما يَصْلُحُ علةً لتعليقِها الفعلَ قبلها، والعلةُ في كسرِها ما قَدَّمْتُه في وجودِ اللامِ ولولاها لفُتِحَتْ.

الصفحة 170