كتاب الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (اسم الجزء: 7)

قوله تعالى: {بَلْ جِئْنَاكَ} إضرابٌ عن المفعول المحذوفِ تقديرُه: ما جئناك بما يُنْكَرُ، بل جِئْناك.
وقد تقدَّم الخلافُ في قولِه تعالى: {فَأَسْرِ} : قطعاً ووصلاً في هود. وقرأ اليمانيُّ فيما نقل ابن عطية وصاحب «اللوامح» «فَسِرْ» من السَّيْر. وقرأت فرقةٌ «بقِطَع» بفتح الطاء. وقد تَقَدَّم في يونس: أن الكسائيَّ وابنَ كثير قرآه بالسكون في قوله «قطعاً» ، والباقون بالفتح.
قوله: {حَيْثُ تُؤْمَرُونَ} «حيث» على بابِها مِنْ كونِها ظرفَ مكانٍ مبهمٍ، ولإِبهامها تعدَّى إليها الفعلُ من غير واسطة على أنه قد جاء في الشعر تَعَدِّيْه إليها ب «في» كقولِه:
294 - 3- فَأصْبَحَ في حيثُ التقَيْنا شريدُهُمْ ... طَليقٌ ومكتوفُ اليدين ومُزْعِفُ
وزعم بعضُهم أنها هنا ظرفُ زمانٍ، مستدلاًّ بقولِه «بقِطْعٍ من الليل» ، ثم قال: {وامضوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ} ، أي: في ذلك الزمان. وهو ضعيفٌ، ولو كان كما قال لكان التركيبُ: حيث أُمِرْتم، على أنه لو جاء التركيب كذا لم يكن فيه دلالةٌ.

الصفحة 171