كتاب الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (اسم الجزء: 7)

جبلٍ وشجرٍ وبناءٍ وجسمٍ قائمٍ. وقوله: {يَتَفَيَّأُ ظِلاَلُهُ} إخبارٌ عن قوله {مِن شَيْءٍ} ليس بوصفٍ له، وهذا الإِخبارُ يَدُلُّ على ذلك الوصفِ المحذوفِ الذي تقديرُه: هو له ظلٌّ» وفيه تكلُّفٌ لا حاجةَ له، والصفةُ أبينُ. و {مِن شَيْءٍ} في محلِّ نصبٍ على الحال من الموصولِ، أو متعلقٌ بمحذوفٍ على جهةِ البيان، أي: أَعْني مِنْ شيء.
والتفيُّؤُ: تَفَعَّل مِنْ فاء يَفِيْءُ، أي: رَجَع، و «فاء» قاصرٌ، فإذا أُريد تعديتُه عُدِّي بالهمزة كقوله تعالى: {مَّآ أَفَآءَ/ الله على رَسُولِهِ} [الحشر: 7] أو بالتضعيف نحو: فَيَّأ اللهُ الظلَّ فَتَفَيَّأ. وَتَفَيَّأ مطاوِعٌ فهو لازمٌ. ووقع في شعر أبي تمام متعدياً في قوله:
297 - 3- طَلَبَتْ ربيعَ ربيعةَ المُمْرَى لها ... وتفيَّأَتْ ظلالَه مَمْدودا
واخْتُلِفَ في الفَيْءِ فقيل: هو مُطْلَقُ الظِّلِّ سواءً كان قبل الزَّوالِ أو بعده، وهو الموافِقُ لمعنى الآيةِ ههنا. وقيل: «ما كان [قبل] الزوال فهو ظلٌّ فقط، وما كان بعده فهو ظِلٌّ وفَيْءٌ» ، فالظلُّ أعمُّ، يُرْوَى ذلك عن رؤبَة ابن العجاج. وقيل: بل يختصُّ الظِّلُّ بما قبل الزوالِ والفَيْءُ بما بعده. قال الأزهري: «تَفَيَّؤُ الظلالِ رجوعُها بعد انتصافِ النهارِ، فالتفيُّؤُ لا يكون

الصفحة 227