كتاب الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (اسم الجزء: 8)

و» ما «لا يُوصَف منها إلاَّ» الذي «وحدَه، فعلى مذهبِهم لا يجوز أن يكونَ صفةً» . قال ذلك كالرادِّ على الزمخشري.
والجملةُ مِنْ قولِه {عَلَى العرش استوى} خبرٌ لقولِه «الرحمنُ» على القول بأنه مبتدأٌ، أو خبرُ مبتدأ مضمرٍ إنْ قيل: إنه مرفوعٌ على خبر مبتدأ مضمر، وكذلك في قراءةِ مَنْ جَرَّه.
وفاعلُ «استوى» ضميرٌ يعودُ على الرحمنِ، وقيل: بل فاعلُه «ما» الموصولةُ «بعده أي: استوى الذي له في السماوات، قال أبو البقاء:» ويقال بعضُ الغلاةِ: «ما» فاعلُ «استوى» . وهذا بعيدٌ، ثم هو غيرُ نافعٍ له في التأويل، إذ يبقى قولُه {الرحمن عَلَى العرش} كلاماً تاماً ومنه هرب «. قلت: هذا يُروى عن ابنِ عباس، وأنه كان يقف على لفظ» العرش «، ثم يبتدِىءُ» استوى له ما في السماوات «وهذا لا يَصِحُّ عنه.
قوله: {الثرى} : هو الترابُ النديُّ، ولامُه ياءٌ بدليل تثنية على ثَرَيَيْن، وقولهم ثَرِيَتْ الأرَضُ تَثْرَى ثَرَىً. والثرى يستعمل في انقطاعِ المودة. قال جرير:
3272 - فلا تَنْبُشُوا بيني وبينَكُمُ الثرى ... فإنَّ الذي بيني وبينَكُمُ مُثْرِي

الصفحة 13