كتاب الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (اسم الجزء: 8)

ويقال: حَسَر البعيرُ، وحَسَرْته أنا، فيكون لازماً ومتعدياً. وأَحْسَرْتُه أيضاً. فيكون فَعَل وأفْعَلَ بمعنىً في أحدِ وجهَيْ فَعَل. قال الزمخشري: «الاستحسارُ مبالغةٌ في الحُسورِ. فكان الأبلغُ في وصفِهم أَنْ ينفيَ عنهم أَدْنى الحُسورِ. قلت: في الاستحسارِ بيانُ أنَّ ما هُمْ فيه يوجب غايةَ الحُسور وأقصاه، وأنَّهم أَحِقَّاءُ لتلك العباداتِ الباهظة بأَنْ يَسْتَحْسِروا فيما يَفْعلون» وهو سؤالٌ حسنٌ وجوابٌ مطابق.
قوله: {يُسَبِّحُونَ} : يجوزُ أَنْ يكونَ مستأنفاً، وأن يكونَ حالاً من الفاعل في الجملةِ قبلَه. و {لاَ يَفْتُرُونَ} يجوز فيه الاستئنافُ والحالُ من فاعلِ «يُسَبِّحون» .
قوله: {أَمِ اتخذوا} : هذه «أم» المنقطعةُ، فتتقدَّرُ ب بل التي لإِضرابِ الانتقال، وبالهمزةِ التي معناها الإِنكار. و «اتَّخذ» يجوزُ أََنْ يكونَ بمعنى صَنَع، فتتعلَّقَ «مِن» به. وجَوَّز الشيخُ أن يكونَ بمعنى صَيَّر التي في قوله: {واتخذ الله إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} [النساء: 125] قال: «وفيه معنى الاصطفاءِ والاختيار» . و {مِّنَ الأرض} يجوز أَنْ يتعلَّقَ بالاتخاذ كما تقدَّم، وأَنْ يتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنها نعتٌ ل «آلهة» أي: مِنْ جنسِ الأرض.
قوله: {هُمْ يُنشِرُونَ} جملةٌ في محلِّ نصبٍ صفةً لآلهة. وقرأ العامَّةُ «يُنْشِرون» بضمِّ حرفِ المضارعة مِنْ أَنْشَر. وقرأ الحسن بفتحها وضم الشين يُقال: أَنْشَر اللهُ الموتى فَنَشَروا، ونَشَر يكون لازماً ومتعدياً.

الصفحة 141