كتاب الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (اسم الجزء: 8)

قوله: {أَفَإِيْن مِّتَّ} : قد تقدَّم نظيرُ ذلك في آل عمران عند قولِه: {أَفَإِيْن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقلبتم} [الآية: 144] . وفي هذه الآيةِ دليلٌ لمذهب سيبويه: وهو أنه إذا اجتمع شرطٌ واستفهام أُجيب الشرطُ. فتكونُ الآيةُ قد دَخَلَتْ فيها همزةُ الاستفهامِ على جملةِ الشرطِ. والجملةُ المقترنةُ بالفاءِ جوابُ الشرطِ، وليسَتْ مَصَبَّ الاستفهامِ، وزَعَمَ يونس أنَّ الاستفهامَ/ مُنْصَبٌّ على الجملةِ المقترنةِ بالفاء، وأنَّ الشرطَ معترضٌَ بين الاستفهامِ وبينَها، وجوابه محذوف. وليس بشيءٍ إذ لو كان كما قال لكان التركيبُ: أفإن مِتَّ هم الخالدون، بغير فاء. وكأنَّ ابنَ عطية نحا منحى يونسَ فإنه قال: «وألفُ الاستفهامِ داخلةٌ في المعنى على جوابِ الشرطِ» .
قوله: {فِتْنَةً} : في نصبِه ثلاثةُ أوجهٍ، أحدُها: أنَّه مفعولٌ من أجله. الثاني: أنه مصدرٌ في موضعِ الحالِ أي: فاتِنين. الثالث: أنَّه مصدرٌ مِنْ معنى العاملِ لا من لفظِه؛ لأن الابتلاءَ فتنةٌ فكأنَّه قيل: نَفْتِنُكم فتنةً.
وقرأ العامَّة «تُرْجَعُوْن» بتاءِ الخطابِ مبنياً للمفعول. وغيرُهم بياءِ الغَيْبة على الالتفات.

الصفحة 154