كتاب الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (اسم الجزء: 8)

وقد تقدَّم الكلامُ على «أف» في سبحان ولغاتها. واللام في «لكم» وفي «لِما» لامُ التبيينِ أي: التأفيفُ لكم لا لغيرِكم وهي نظيرةُ {هَيْتَ لَكَ} [يوسف: 23] .
قوله: {بَرْداً} : أي: ذاتَ بَرْد. والظاهر في «سلاماً» أنه نَسَقٌ على «بَرْدا» فيكونُ خبراً عن «كُوني» . وجَوَّز بعضُهم أن ينتصِبَ على المصدرِ المقصودِ به التحيةُ في العُرْفِ. وقد رُدَّ هذا بأنَّه لو قُصِد ذلك لكان الرفعُ فيه أولى نحو قولِ إبراهيم: {سَلاَمٌ} [هود: 69] . وهذا غيرُ لازمٍ؛ لأنه يجوزُ أَنْ يأتيَ القرآنُ على الفصيحِ والأفصحِ. ويَدُلُّ على ذلك أنه جاء منصوباً، والمقصودُ به التحيةُ نحو قول الملائكة: {قَالُواْ سَلاَماً} [هود: 69] .
وقوله: {على إِبْرَاهِيمَ} متعلق بنفس «سلام» إنْ قُصِد به التحيةُ. ويجوزُ أن يكونَ صفةً فيتعلَّقَ بمحذوفٍ. وعلى هذا فيُحْتمل أَنْ يكونَ قد حَذَف صفةً الأول لدلالةِ صفةِ الثاني عليه تقديرُه: كوني بَرْداً عليه وسلاماً عليه.
قوله: {وَلُوطاً} : يجوز فيه وجهان، أحدهما: أَنْ يكونَ معطوفاً على المفعولِ قبلَه، والثاني: أن يكونَ مفعولاً معه. والأولُ أَوْلى. وقوله: {إِلَى الأرض} يجوز فيه وجهان، أحدهما: أَنْ يتعلَّق بِنَجَّيْناه على أن يُضَمَّنَ معنى أخرَجناه بالنجاة. فلمَّا ضُمِّنَ معنى أخرج تعدَّى تعديتَه. والثاني: أنه لا تضمينَ فيه، وأنَّ حرفَ الجرِّ يتعلَّقُ بمحذوفٍ على أنه/ حالٌ من الضمير في «نَجَّيْناه» أي: نَجَّيْناه مُنْتَهياً إلى الأرض. كذا قدَّره الشيخ. وفيه

الصفحة 180