كتاب الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (اسم الجزء: 9)

قوله: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ} : مبتدأٌ وخبر أي: ومن جملةِ علامات توحيدِه وأنه يَبْعَثكُم خَلْقُكم واختراعُكم. و «مِنْ» لابتداءِ الغاية.
قوله: {ثُمَّ إِذَآ أَنتُمْ} . الترتيبُ والمُهْملة هنا ظاهران؛ فإنهم إنما يصيرون بَشَراً بعد أطوارٍ كثيرةٍ. «وتَنْتشرون» حالٌ. و «إذا» هي الفجائيةُ. إلاَّ أنَّ الفجائيةَ أكثرُ ما تقع بعد الفاء لأنها تَقْتضي التعقيبَ. ووجهُ وقوعِها مع «ثُمَّ» بالنسبة إلى ما يليقُ بالحالةِ الخاصةِ أي: بعد تلك الأطوارِ التي قَصَّها علينا في موضعٍ آخرَ مِنْ كونِنا نُطْفَةً ثم علقةً ثم مضغةً ثم عَظْماً مجرداً ثم عَظْماً مَكْسُوَّاً لحماً فاجأ البشريَّةَ والانتشارَ.
قوله: {واختلاف أَلْسِنَتِكُمْ} : أي: لغاتِكم من عَرَبٍ وعَجَمٍ، مع تنوُّعِ كلٍ من الجيلين إلى أنواعٍ شتى لا سيما العجمُ، فإن لغاتِهم مختلفةٌ، وليس المرادُ بالألسنةِ الجوارحَ.
قوله: «للعالمين» قرأ حفصٌ بكسر اللام جعله جمعَ عالِم ضدَّ الجاهل. ونحوُه {وَمَا يَعْقِلُهَآ إِلاَّ العالمون} [العنكبوت: 43] والباقون بفتحها؛ لأنها آياتٌ لجميع الناس، وإن كان بعضُهم يَغْفُلُ عنها. وقد تقدَّم أولَ الفاتحةِ الكلامُ في «العالمين» : هل هو جمعٌ أو اسمُ جمع؟ فعليك باعتبارِه ثَمَّةَ.
قوله: {مَنَامُكُم بالليل والنهار} : قيل: في الآية تقديمٌ وتأخيرٌ ليكونَ كلُّ واحدٍ مع ما يلائمه. والتقدير: ومِنْ آياتِه منامُكم بالليل

الصفحة 37