كتاب الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (اسم الجزء: 9)

قد راعى معنى «مَنْ» فلذلك جَمَعَ في قوله: «وهم» بعدما راعى لفظَها فأفردَ في قولِه: «يَسْتَجيب» وقيل: يعود على «مَنْ» مِنْ قولِه «ومَنْ أضَلُّ» ، وحُمِلَ أولاً على لفظها فَأُفْرِدَ في قولِه: «يَدْعُو» ، وثانياً على معناها فجُمِعَ في قوله: {وَهُمْ عَن دُعَآئِهِمْ غَافِلُونَ} .
قوله: {قَالَ الذين كَفَرُواْ لِلْحَقِّ} : هنا أقام ظاهرَيْن مُقامَ مضمَريْنِ؛ إذ الأصلُ: قالوا لها، أي للآياتِ، ولكنه أبرزَهما ظاهرَيْن لأجلِ الوصفَيْن المذكورَيْن. واللام في «للحق» للعلةِ.
قوله: {بِدْعاً} : فيه وجهان، أحدهما: على حَذْفِ مضافٍ تقديرُه: ذا بِدْعٍ، قاله أبو البقاء. وهذا على أَنْ يكونَ البِدْعُ مصدراً. والثاني: أَنَّ البِدْعَ بنفسِه صفةٌ على فِعْل بمعنى بديع كالخِفِّ والخَفيف. والبِدْعُ والبديعُ: ما لم يُرَ له مِثْلٌ، وهو من الابتداع وهو الاختراعُ. أنشد قطرب:
4039 - ب فما أنا بِدْعٌ مِنْ حوادِثَ تَعْتَري ... رجالاً عَرَتْ مِنْ بعدِ بُؤْسَى بأَسْعُدِ
وقرأ عكرمة وأبو حيوةَ وابنُ أبي عبلة «بِدَعاً» بفتح الدال جمع بِدْعة أي: ما كنتَ ذا بِدَع. وجَوَّز الزمخشري أَنْ يكونَ صفةً على فِعَل ك «دِين قِيَم» و «لحم زِيَم» . قال الشيخ: «ولم يُثْبِتْ سيبويه صفةً على فِعَل إلاَّ

الصفحة 662