كتاب الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (اسم الجزء: 9)

والخبرُ الجارُّ بعدَه. والثاني: قاله الزمخشري أنَّه خبرُ مبتدأ مضمرٍ أي: الأمرُ ذلك بسببِ كذا. فالجارُّ في محلِّ نصبٍ. قال الشيخ: «ولا حاجةَ إليه» .
قوله: «كذلك يَضْرِبُ» خرَّجَه الزمخشريُّ على: مِثْلَ ذلك الضربِ يَضْرِبُ اللَّهُ للناسِ أمثالَهم. والضميرُ راجعٌ إلى الفريقين أو إلى الناسِ، على معنى: أنه يَضْرِبُ أمثالَهم لأجلِ الناس ليَعْتَبِروا.
قوله: {فَإِذَا لَقِيتُمُ} : العاملُ في هذا الظرفِ فعلٌ مقدر هو العاملُ في «ضَرْبَ الرِّقاب» تقديرُه: فاضربوا الرقابَ وقتَ ملاقاتِكم العدوَّ. ومنع أبو البقاء أَنْ يكونَ المصدر نفسُه عاملاً قال: «لأنه مؤكَّدٌ» . وهذا أحدُ القولَيْن في المصدرِ النائبِ عن الفعل نحو: «ضَرْباً زيداً» هل العملُ منسوبٌ إليه أم إلى عامِله؟ ومنه:
4050 - على حينَ أَلْهى الناسَ جُلُّ أمورِهمْ ... فنَدْلاً زُرَيْقُ المالَ نَدْلَ الثَّعالبِ
فالمالَ منصوبٌ: إمَّا ب «انْدُلْ» أو ب «نَدْلا» ، والمصدر هنا أُضيف إلى معمولِه. وبه اسْتُدِلَّ على أنَّ العملَ للمصدرِ لإِضافتِه إلى ما بعدَه، ولو لم يكنْ عامِلاً لما أُضِيْفَ إلى ما بعده.

الصفحة 684