كتاب الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (اسم الجزء: 10)

للقوة، وإنما ذَكَّر وصفَها لكونِ تأنيثها غيرَ حقيقي. وقيل: لأنها في معنى الأَيْد. وقال ابن جني: «هو خفضٌ على الجوارِ كقولِهم:» هذا جُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ «يعني أنه صفةٌ للمرفوع، وإنما جُرَّ لَمَّا جاور مجروراً. وهذا مرجوحٌ لإِمكانِ غيرِه، والجِوارُ لا يُصار إليه إلاَّ عند الحاجة.
قوله: {ذَنُوباً} : الذَّنوبُ في الأصل: الدَّلْوُ المَلأَى ماءً. وفي الحديث: «فأتى بذَنوبٍ من ماءٍ» فإنْ لم تكن مَلأَى فهو دَلْوٌ، ثم عُبِّر به عن النصيب. قال علقمة:
4113 - وفي كلِّ حَيٍّ قد خبَطْتُ بنِعْمَةٍ ... فحُقَّ لشاسٍ مِنْ نَداكَ ذَنوبُ
ويُجْمع في القلةِ على: أَذْنِبة، وفي الكثرةِ على: ذَنائب. وقال المَلِكُ لَمَّا أُنْشد هذا البيتَ: نعم، وأَذْنِبَة. وقال الزمخشري: «الذَّنوبُ: الدَّلْوُ العظيمةُ. وهذا تمثيلٌ، أصلُه في السُّقاةِ يَقْتسمون الماءَ، فيكونُ لهذا ذَنُوب، ولهذا ذَنوب. قال الراجز:
4114 - لنا ذَنوبٌ ولكم ذَنُوبُ ... فإنْ أَبَيْتُمْ فلنا القَليبُ

الصفحة 61