كتاب الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (اسم الجزء: 10)

وقرأ الأعرجُ والعباسُ عن أبي عمروٍ بتكسيِنها. وفيها وجهان، أحدُهما: أنه تسكينٌ للمرفوعِ فهو مستأنف كالمرفوعِ لفظاً. والثاني: أنَّه معطوفٌ على مجزومٍ. والمَعْنِيُّ بالآخِرين حينئذٍ قومُ شُعَيْبٍ ولوطٍ وموسى، وبالأوَّلِيْنَ قومُ نوحٍ وعادٍ وثمودَ.
قوله: {كَذَلِكَ نَفْعَلُ} : أي: مثلَ ذلك الفعلِ الشَّنيعِ نَفْعَلُ بكلَّ مَنْ أَجْرَمَ.
قوله: {فَقَدَرْنَا} : قرأ نافعٌ والكسائيُّ بالتشديد من التقدير، وهو موافِقٌ لقولِه: {مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ} [عبس: 19] والباقون بالتخفيف من القُدْرة. ويَدُلُّ عليه قولُه: «فنِعْمَ القادِرون» . ويجوز أَنْ يكونَ المعنى على القراءة الأولى: فنِعْمَ القادِرون على تقديرِه، وإن جُعِلت «القادِرون» بمعنى «المُقَدِّرُون» كان جَمْعاً بين اللفظَيْنِ، ومعناهما واحدٌ، ومنه قولُه تعالى: {فَمَهِّلِ الكافرين أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً} [الطارق: 17] وقولُ الأعشى:
4456 - وأَنْكَرَتْني وما كان الذي نَكِرَتْ ... من الحوادِث إلاَّ الشَّيْبَ والصَّلعَا

الصفحة 635