كتاب الدر المصون في علوم الكتاب المكنون (اسم الجزء: 10)

أو الإِنسانِ من غيرِ حَصْرٍ. ثم قال: «فإنْ قُلْتَ: فكيف توازَنَ قولُه: {فَأَمَّا الإنسان إِذَا مَا ابتلاه رَبُّهُ} وقولُه: {وَأَمَّآ إِذَا مَا ابتلاه} ، وحقُّ التوازنِ أَنْ يتقابلَ الواقعان بعد» أمَّا «و» أمَّا «. تقول:» أمَّا الإِنسانُ فكفورٌ، وأمَّا المَلَكٌ فشَكورٌ «،» أمَّأ إذا أَحْسَنْتَ إلى زيدٍ فهو مُحْسِنٌ إليك، وأمَّا إذا أَسَأْتَ إليه فهو مُسِيْءٌ إليك «؟ قلت: هما متوازنان من حيث إنَّ التقديرَ: وأمَّا هو إذا ما ابتلاه ربُّه وذلك أنَّ قولَه: {فَيَقُولُ ربي أَكْرَمَنِ} خبرُ المبتدأ الذي هو الإِنسانُ. ودخولُ الفاءِ لِما في» أمَّا «مِنْ معنى الشرطِ، والظرفُ المتوسِّطُ بين المبتدأ والخبرِ في نيةِ التأخيرِ، كأنه قال: فأمَّا الإِنسانُ فقائِلٌ ربي أكرمَنِ وقتَ الابتلاءِ فَوَجَبَ أَنْ يكونَ» فيقولُ «الثاني خبرَ المبتدأ واجبٌ تقديرُه» .
قوله: {فَقَدَرَ عَلَيْهِ} : قرأ ابنُ عامرٍ بتشديدِ الدال، والباقون بتخفيفِها، وهما لغتان بمعنىً واحد، ومعناهما التضييقُ. ومن التخفيفِ قولُه: {الله يَبْسُطُ الرزق لِمَنْ يَشَآءُ وَيَقَدِرُ} [الرعد: 26] {وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [الطلاق: 7] .
قوله: {أَكْرَمَنِ} «أهانَنِ» قرأ نافعٌ بإثباتِ ياءَيْهما وَصْلاً وحَذْفِهما وقفاً، مِنْ غيرِ خلافٍ عنه، والبزيُّ عن ابن كثير يُثْبِتُهما في الحالَيْن،

الصفحة 788