كتاب الدر المنضود في الصلاة والسلام على صاحب المقام المحمود

وروى ابن أبي شيبة: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: عليك السلام يا رسول الله، فقال: «لا تقل: عليك السلام؛ فإن عليك السلام تحية الموتى» «1» .
وروى الترمذي بسند حسن: أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم:
عليك السلام يا رسول الله ثلاث مرات، فقال له: «إن (عليك السلام) تحية الميت» ، ثم قال: «إذا لقي الرجل أخاه المسلم.. فليقل: السلام عليك ورحمة الله» ، ثم ردّ عليه صلى الله عليه وسلم فقال: «وعليك ورحمة الله» ثلاثا اهـ «2» .
وليس بصحيح؛ لأن رده صلى الله عليه وسلم السلام يدل على أنه سلام صحيح، والفصل بين الابتداء والرد بكلام يسير لغرض صحيح.. لا يضر، كما بينته في «شرح الإرشاد» .
وأيضا: فقد صح أنه صلى الله عليه وسلم قال للموتى: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين» «3» فدل على أن معنى كون (عليك السلام تحية الموتى) أي: موتى القلوب؛ وأنها عادة الجاهلية، وعلى كلّ فالسلام عليكم أفضل في حق الحيّ والميّت.

خاتمة:
ذكر البيهقي وغيره: أن سليمان بن سحيم رآه صلى الله عليه وسلم يوما، فسأله: هل يفقه سلام المسلّمين عليه؟ قال: «نعم، وأردّ عليهم» «4» .
__________
(1) أخرجه أبو داود (5209) ، والنسائي في «الكبرى» (10078) ، وابن أبي شيبة (6/ 28) وغيرهم.
(2) سنن الترمذي (2721) .
(3) أخرجه مسلم (249) ، وأبو داود (3237) ، والنسائي (1/ 93) وفي «الكبرى» (143) وغيرهم.
(4) شعب الإيمان (4165) .

الصفحة 162