كتاب الدر المنضود في الصلاة والسلام على صاحب المقام المحمود

وفي رواية: «ألا أخبركم بأبخل الناس؟» ، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «من ذكرت عنده فلم يصلّ عليّ ... فذاك أبخل الناس» «1» .
وفي أخرى: «إن أبخل الناس من ذكرت عنده فلم يصلّ عليّ» «2» صلى الله عليه وسلم، والحديث غريب، ورجاله رجال الصحيح، إلا أن فيهم مبهما.
والبخل معناه اللغوي: إمساك ما يقتنى عمن يستحقه، وأريد به هنا:
التكاسل عن هذه العبادة العظيمة.

- ومنها: أن من لم يصلّ عليه صلى الله عليه وسلم عند ذكره.. ملعون.
ذكر أبو نعيم في «الحلية» : (أن رجلا مرّ بالنبي صلى الله عليه وسلم ومعه ظبي قد اصطاده، فأنطق الله سبحانه وتعالى الذي أنطق كل شيء الظبي، فقال: يا رسول الله؛ إن لي أولادا وأنا أرضعهم، وإنهم الآن جياع، فأمر هذا أن يخليني حتى أذهب فأرضع أولادي وأعود، قال: «فإن لم تعودي؟» ، قالت: إن لم أعد.. فلعنني الله عز وجل كمن تذكر بين يديه فلا يصلّي عليك، أو كنت كمن صلّى ولم يدع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
«أطلقها وأنا ضامنها» ، فذهبت الظبية، ثم عادت، فنزل جبريل عليه السلام وقال: يا محمد؛ الله يقرئك السلام، ويقول لك: وعزتي وجلالي؛ أنا أرحم بأمتك من هذه الظبية بأولادها، وأنا أردهم إليك، كما رجعت الظبية إليك صلى الله عليه وسلم) «3» .

- ومنها: أن من ذكر صلى الله عليه وسلم عنده فلم يصلّ عليه ألأم الناس.
__________
(1) أخرجه ابن أبي عاصم في «الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (29) ، وذكره المنذري في «الترغيب والترهيب» (2/ 805) .
(2) أخرجه ابن عساكر في «تاريخه» (59/ 335) ، والقاضي إسماعيل الجهضمي في «فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم» (ص 45) ، وذكره ابن كثير في «تفسيره» (3/ 512) .
(3) كذلك عزاه الإمام السخاوي في «القول البديع» (ص 303) لأبي نعيم في «الحلية» ، وانظر لتمام الفائدة قول الحافظ ابن حجر عن هذا الحديث في «الفتح» (6/ 592) .

الصفحة 196