كتاب الدر المنضود في الصلاة والسلام على صاحب المقام المحمود

وأخرج أحمد: (أن أنسا رضي الله تعالى عنه أخرج لجماعة ما بقي من قدحه صلى الله عليه وسلم وفيه ماء، فشربوا وصبّوا على رؤوسهم ووجوههم، وصلّوا عليه صلى الله عليه وسلم) «1» .
وبقي للزيارة أحكام وآداب ذكر النووي كثيرا منها في «مناسكه الكبرى» ، واستوفيت في «حاشيتها» معظم ما بقي من ذلك «2» .
قال المجد اللغوي: (والسلام عليه صلى الله عليه وسلم عند قبره أفضل من الصلاة؛ لخبر: «ما من مسلم يسلّم عليّ ... » السابق) «3» .
وأخرج البيهقي عن ابن فديك: (سمعت بعض من أدركت يقول: بلغنا أنه من وقف عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فتلا: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ الآية، ثم قال: صلّى الله عليك يا محمد، حتى يقولها «سبعين مرة» .. ناداه ملك صلّى الله عليك يا فلان، لم تسقط لك حاجة) «4» .
ولا دليل فيه لجواز ندائه صلى الله عليه وسلم باسمه، فقد صرح أئمتنا بحرمة ذلك؛ لما فيه من ترك التعظيم، ولقوله تعالى: لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً وإنما ينادى بنحو: (يا نبي الله) ، فقول الزين المراغي: الأولى لمن عمل بالأثر أن يقول: (يا رسول الله) .. وهم، بل الصواب أن ذلك واجب لا أولى.
وظاهر قول «فتح الباري» : (أنه صلى الله عليه وسلم وإن كان ذا أسماء وكنى، ولكن لا ينبغي أن ينادى بشيء منها) «5» .. أن الكنية كالاسم، فيحرم
__________
(1) المسند (3/ 187) .
(2) انظر حاشية المصنف على «الإيضاح» (ص 479- 510) .
(3) الصّلات والبشر (ص 164) ، وانظر الحديث (ص 153) .
(4) شعب الإيمان (4196) .
(5) فتح الباري (6/ 561) .

الصفحة 226