كتاب دور المسلم ورسالته في الثلث الأخير من القرن العشرين

فالهوة بدأت تتسع، والإنسان أصبح يتمزق -خاصة الشباب- بين فكرة لا يستطيع التخلص منها تماماً لأنها مسجلة في طينته البشرية، تلك الطينة التي كرمها الله، وبين واقع ثقافي لا يقدم له مسوغات ولا يعطيه بديلاً عن مسوغاته التقليدية المفقودة.
هذه هي الصورة التي نستطيع تقديمها في خطوط عريضة، عن الحياة في المجتمع المتحضر وعلى محور (واشنطن- موسكو). وإذا تساءلنا الآن هل ظاهرة التدهور والانحلال .. هذه فاقدة المعنى بالنسبة للمؤرخ، الذي يريد أن يفيد حتى من التجارب الشاذة المؤلمة؟.
نستطيع أن نقدم افتراضاً احتمالياً فنقول: لعلَّ الله يريد شيئاً من وراء هذا كله. كأنما هذا استدراج، تسوق الأقدار فيه هذا المجتمع المتحضر إلى طريق، حيث تنتهي فيه أخطاؤه، ليفسح مجالاً لتجربة أخرى بعد إخفاق التجارب السابقة، ونحن نري فعلاً أن التجارب الأساسية في التاريخ لن تبدأ حتى تخفق قبلها كل التجارب السابقة التي فقدت أسسها التاريخية.

الصفحة 26