كتاب دراسات في علم اللغة

وفي مرحلة تالية استخدم الرمزان "و، ي" للدلالة على الواو والياء الممدودتين فقط.
ولعل مما يؤيد هذه النظرة ما يفترضه بعضهم من أن الرمزين "و، ي" الدالين في الأصل على الواو والياء الصامتتين، إنما استخدما في تصوير الواو والياء الممدودتين "الحركتين الطويلتين" لما رآه الناس من تطور الواو والياء الصامتتين في نحو: حَوْض وبَيْت "hawd, bayt" إلى حركتين طويلتين، أي: حُوض، وبِيت "hood, beet" كما تنطقان الآن في العامية المصرية. ومعناه أنه على الرغم من تطور النطق ظل الخط ثابتا على حاله الأول أي مشتملا على الواو والياء، كما كانت قبل هذا التطور. ثم انتقل هذا الاستعمال فيما بعد إلى كل واو وياء ممدودة، في نحو: أدعو وأرمي لاشتراكهما في الطول مع الواو والياء في "حوض وبيت" في النطق المتطور.
واستخدام الرمزين "و، ي" الدالين على الواو والياء الصامتتين في وَلد يَلد، وحَوْض وبَيْت، لتصوير الواو والياء الحركتين الطويلتين في أدعو وأرمي تفسره أسباب مختلفة، منها:
1- ما سبق أن ألمعنا إليه من تطور الواو والياء في حوض وبيت إلى حركتين طويلتين، وهذا هو المشهور بين دارسي اللغات السامية، ومعناه أن اللغة العربية قلدت أخواتها الساميات في هذا الاستغلال، على الرغم من فقدان السبب الأصلي فيها؛ إذ بقيت الواو والياء في هذه اللغة في هذين المثالين بحالهما ولم يتطورا حتى الآن إلى حركتين طويلتين، بعكس ما يدعي أنه حدث في غيرها من اللغات السامية.
والحق أن هذا السبب يبدو واهيا في نظرنا، إذ الحركتان الطويلتان في "حُوض وبِيت" بالنطق المتطور، لم تتطورا عن الواو والياء وحدهما كما ادعى هؤلاء الدارسون، وإنما تطورتا عن صوتين مجتمعين، هما الفتحة والواو والفتحة والياء، قارن الأمثلة الآتية:

الصفحة 41