كتاب دراسات في علم اللغة

"واي" في الألفباء الإملائية:
ومهما يكن من أمر فقد نتجت عدة مشكلات من التطور في استعمال الواو والياء من التغير التاريخي الذي لحق مدلوليهما على مر الزمن. وتشترك الألف معهما في هذا الموضوع نفسه. هذه المشكلات تنعكس بصفة خاصة على الألفباء التقليدية ونظمها المختلفة.
نحن نعلم أن هناك نظامين للألفباء:
أما أحدهما: فقديم، ويقل استعماله في الوقت الحاضر. يتألف هذا النظام من تسعة وعشرين حرفا "رمزا"، تبدأ بالألف وتنتهي بالياء. غير أن رمز الألف قد ذكر مرتين: إحداهما في أول الألفباء والثانية قرب نهايتها مع وصل هذا الرمز بحرف اللام هكذا "لا"، على حين ذكرت الواو والياء مرة واحدة.
وممن اختار هذا النظام ابن جني يقول: "اعلم أن أصول حروف المعجم عند الكافة تسعة وعشرون حرفا"1. وتفسير ما فعله ابن جني ومن لف لفه هو أنهم يخصصون الألف الأولى للهمزة على الأصل في ذلك، والثانية للفتحة الطويلة بطريق استغلال الصورة الكتابية. وهذا التفسير واضح من كلام ابن جني نفسه، حيث يقول: "اعلم أن الألف التي في أول حروف المعجم هي صورة الهمزة"2، ثم يقول أيضا: "فأما المدة التي في نحو: قام وسار وكتاب وحمار فصورتها أيضا صورة الهمزة المحققة التي في: أحمد، وإبراهيم، وأترجة، إلا أن هذه الألف لا تكون إلا ساكنة، فصورتها وصورة الهمزة المتحركة واحدة وإن اختلف مخرجاهما"3.
__________
1، 2 ابن جني: سر صناعة الإعراب جـ1 ص46، وانظر ابن يعيش شرح المفصل جـ10 ص126.
3 ابن جني السابق: ص48.

الصفحة 43