كتاب دراسات في علم اللغة

مستقلة، أو علامات مميزة، لكل من الواو والياء عندما يكونان حركتين "حرفي مد"، كأن يقولوا مثلا: "لام واو"، و"لام ياء", كما قالوا: "لام ألف".
وقد أدرك هذا الذي نقوله -من قبل- باحث حديث ولغوي ذواقة هو الأستاذ حفني ناصف. يقول: "والذي ذكر "لام ألف" في الحروف كان عليه أن يذكر "لام واو" و"لام ياء"1. وفي هذا ما يشير بوضوح إلى أن هذا الباحث الكبير كان يدرك القيم الصوتية المختلفة لكل من الألف والواو والياء. وتدل عبارته التالية على عمق وأصالة في البحث الصوتي، كما تنبئ عن عبقرية في فهم الحقائق وتصويرها بصورة يندر وجود مثلها في كتابات كل من تعرض لهذه القضية وأمثالها من قضايا اللغويين. يقول في تلخيص المشكلة وتفسيرها:
وكلمة "ألف" المذكورة في أول الحروف وكلمتا "واو" و"ياء" المذكورتان في آخرها من قبيل المشترك اللفظي، فالأولى تطلق على الألف في نحو: "أُمْر وإِمْر وأُمِر ومرء" وتسمى: بالألف اليابسة، وبالهمزة، وتطلق على الألف في نحو: "قال" وتسمى: بالألف اللينة وألف المد وهي المراد من حرف "لام ألف" عند من ذكرها في حروف المعجم ... والثانية تطلق على الواو في نحو: "صفوًا وصفوٍ وصفوٌ" وتطلق على الواو في نحو: "محمود" وتسمى واو المد. والثالثة تطلق على الياء في نحو: "سعيًا وسعيٍ وسعيٌ" وعلى الياء في نحو: جميل وتسمى ياء المد2. ونأخذ من كلام هذا الباحث حقيقة مهمة -نص عليها هو نفسه- وهي أن الأصوات المرموز إليها في العربية بحروف الألفباء. "سواء عددتها ثمانية وعشرين رمزا كما هو رأيه أم تسعة وعشرين كما هو رأي غيره" واحد وثلاثون صوتا. ويؤكد هو هذا المعنى فيقول: "فأسماء الحروف الأصلية ثمانية وعشرون ومسمياتها واحد وثلاثون، لأن
__________
1 حفني ناصف: تاريخ الأدب ص11.
2 حفني ناصف: تاريخ الأدب ص11.

الصفحة 48