كتاب دراسات في علم اللغة

والقول بهمس الهمزة ذهب إليه كذلك هيفنر الأمريكي الذي يؤكد أنها "دائما صوت مهموس"1 ولكنه مع ذلك لا يعلل لنا هذا الحكم ولا يحاول تفسيره.
وهناك عالم إنجليزي -هو جاردنر- يؤكد أن "طبيعة الهمزة تجعل جهرها أمرًا مستحيلا"2، ولكنه مع ذلك يقف عند هذا الحد، فلا يفصح بشيء عن الهمس وجوازه أو عدم جوازه بالنسبة للهمزة.
ومهما يكن من أمرٍ فهؤلاء الدارسون جميعا متفقون فيما بينهم على الخواص الأخرى للهمزة، وهي:
1- كونها صوتا صامتا Consonant له خواص الأصوات الصامتة وأما ما ينسب إليها من تسهيل، أو تخفيف، أو قلب ... إلخ، فهذه كلها في نظرهم ظواهر مستقلة يجب أن تؤخذ على أساس صورها الحاضرة، لا على أساس الأصل المفترض.
2- حنجرية، فمخرجها الحنجرة، وهي أقصى مواضع النطق في الجهاز النطقي عند الإنسان، ولا يشركها في هذا المخرج في العربية إلا صوت الهاء.
3- وقفة انفجارية Plosive Stop.
كذلك يؤكد جميعهم أن الهمزة لا تكون مجهورة بحال من الأحوال، لاستحالة ذلك الأمر استحالة مادية، بسبب انطباق الوترين الصوتيين انطباقا تاما حال النطق بها، ومن ثم ليس من الممكن أن تحدث ذبذبة للأوتار من أي نوع كانت هذه الذبذبة.
وتلخيص هذا الاتفاق بين العلماء بالصورة السابقة أمر مهم وضروري، حيث يعيننا على فهم المناقشة التالية الخاصة بآراء علماء العربية القدامى في هذا الصوت.
__________
1 هيفنر: General Phonetics P. 125.
2 جاردنر: The Phonetics of Arabic, p. 30.

الصفحة 60