كتاب دراسات في علم اللغة

ولقد أكد الخليل هذه النظرة غير الدقيقة إلى الهمزة، وهي كونها حرف علة، ومساواتها بحروف العلة المعروفة في هذا الحكم بأمرين آخرين تجدر الإشارة إليهما في هذا المقام.
الأول: قسم الخليل الألفباء الصوتية من حيث مواضع النطق إلى قسمين اثنين، أحدهما خاص بما سماه "الحروف الصحاح"، وبدأه بصوت العين، على ما هو معروف، وختمه بالباء والميم، أما الثاني فيشتمل على الحروف الأربعة الواو والألف والياء والهمزة. وهذا ترتيبه للقسمين معا، كما ورد في كتاب العين:
""ع ح هـ خ غ"، "ق ك"، "ج ش ض"، "ص س ز"، "ط د ت"، "ظ ذ ث"، "ر ل ن"، "ف ب م"، فهذه الحروف الصحاح، "وا يء""1.
فهذا الترتيب يشير بوضوح إلى أن الخليل قد سوى في الخواص والميزات بين الهمزة وحروف العلة. وهو حكم جانبه الصواب، إذ الهمزة -بهذا الوصف- صوت صامت أو "صحيح" له موضع من النطق محدد هو الحنجرة، على حين تعد: الألف، والواو، والياء المديات حركات صِرفة Vowels، وتصدر عن جهاز النطق بصفة مخصوصة تختلف اختلافا جذريا عن طريقة نطق الأصوات الصامتة.
ويسجل صاحب التهذيب هذا الترتيب نفسه ولكن مع عدم ذكر الهمزة في هذه الألفباء التي نقلها عن الخليل، وكذلك فعل ابن منظور في "لسان العرب"، حيث ذكر الألفباء الصوتية -كما رآها الخليل- وبدأه بالعين ثم الحاء ثم الهاء وانتهى بالباء والميم والياء والواو والألف2.
__________
1 العين جـ1 ص65.
2 التهذيب جـ1 ص41، واللسان جـ1 ص7.

الصفحة 72