كتاب دراسات في علم اللغة

فإذا ما فسرنا الألف هنا بألف المد -دون الهمزة- كان ذلك أنسب وأوفق، حيث أن وضع ألف المد مع الياء والواو له ما يسوغه، وهو كونها جميعا تشترك في خاصتي المد والعلة، كما يقولون. وهذا التفسير محتمل ولا شك، وبخاصة فيم يتعلق برواية صاحب اللسان الذي كان يعيش في وقت متأخر نسبيا، حيث كان الألف يغلب إطلاقه على ألف المد دون الهمزة. ومعنى هذا حينئذ أن الهمزة أهمل ذكرها في الألفباء الصوتية. وهو أمر يمكن فهمه بالنسبة لنظر العلماء إلى هذا الصوت في هذه المرحلة. وهي مرحلة شاهدت كتابة الهمزة بصور مختلفة. أي كتابتها على الألف أو الواو أو الياء أو مفرده. ومن ثم اختلط عليهم الأمر بالنسبة لهذا الصوت ذي الصور الكتابية المختلفة.
أما إذ فسر الألف في رواية اللسان "وغيره" بالهمزة وألف المد معا "على سبيل التوسع في مفهومه" فلا يزال الاعتراض على الخليل قائما.
وهنا رأي آخر في الترتيب الصوتي للحروف عند الخليل، رواه أبو الفرج سلمة بن عبد الله بن دلان المعافري الجزيري في قوله:
يا سائلي عن حروف العين دونكها ... في رتبة ضمها وزن وإحصاء
إلى أن قال:
واللام، والنون، ثم الفاء، والباء ... والميم، والواو، والمهموز، والياء1
فإذا ما فسر المهموز بالهمزة فيمكن الاعتراض عليه بمثل ما اعترض على الخليل نفسه. والمرجح أن يكون المقصود بالمهموز هنا ألف المد وحده، وإنما اقتضى النظم عدم ذكره، أو أن التعبير خان واضع الأبيات. وربما يؤيد هذا الظن أن أبا الفرج لم يشر إلى ألف المد إطلاقا في بقية الأبيات. وليس من المستساغ أن يترك النص عليه؛ إذ لم يفعل ذلك أحد من قبله أو من بعده. أما
__________
1 المزهر للسيوطي جـ1 ص89-90.

الصفحة 73