كتاب دراسات في علم اللغة

حروف "العلة" ومخارجها ثلاث مرات في سياق واحد، ولكنه يهمل ذكر الهمزة في حالتين منهما، ويكتفي بذكرها مع هذه الحروف مرة واحدة. وقد جاء ذلك في نص له تكاد تتفق ألفاظه وعباراته مع ما رويناه عن كتاب العين وهذا هو النص:
قال الخليل بن أحمد: حروف العربية تسعة وعشرون حرفا، منها خمسة وعشرون حرفا لها أحياز ومدارج، وأربعة أحرف يقال لها: جوف. الواو أجوف، ومثله الياء والألف اللينة والهمزة، سميت جوفا لأنها تخرج من الجوف فلا تخرج في مدرجة، وهي في الهواء، فلم يكن لها حيز تنسب إليه إلا الجوف"1.
وهكذا نرى الخليل أو تلامذته الذين جمعوا آراءه في كتاب العين يخلطون خلطا واضحا في نقطتين اثنتين تتعلقان بمخرج الهمزة:
النقطة الأولى:
تتمثل في عدم نسبتها إلى نقطة أو مدرجة معينة من مدارج النطق، وإصرارهم على أنها في الهواء لا حيز لها. والهمزة -على ما هو مقرر الآن- لها مدرجة محددة لا سبيل إلى الشك في خروج الهمزة منها، وهي الحنجرة، ما سبق ذكر ذلك في موقعه2. ومن المؤكد أن الذي أوقعهم في هذا الخطأ هو نظرته إلى الهمزة كما لو كانت حرف "علة" "بحسب تعبيرهم" أو كما لو كانت حركة، كما نقول اليوم. أو لعلهم ركزوا على حالة من الحالات التي ظنوا أنها تعتريها، وهي حالة التخفيف أو التسهيل. وهذه الحالة في رأينا -كما ألمحنا إلى ذلك سابقا أكثر من مرة -ليست من حالات الهمزة في شيء، إذ المنطوق في هذه الحالة ليس همزا، وإنما هو شيء آخر قد يكون ألفا أو واوا أو ياء. وهذا المنطوق وحده -لا الهمزة- هو الذي يؤخذ في الحسبان.
__________
1 التهذيب جـ1 ص48.
2 انظر ص91.

الصفحة 75