كتاب الدر المنثور (تفسير السيوطي) (اسم الجزء: 3)

فكلهم قال مثل قول شرحبيل فاجتمع رأيهم على أن يبعثوا شرحبيل بن وداعة وعبد الله بن شرحبيل وجبار بن فيض فيأتونهم بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق الوفد حتى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألهم وسألوه فلم تزل به وبهم المسألة حتى قالوا له : ما تقول في عيسى بن مريم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما عندي فيه شيء يومي هذا فأقيموا حتى أخبركم بما يقال لي في عيسى صبح الغد ، فأنزل الله هذه الآية {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب} إلى قوله {فنجعل لعنة الله على الكاذبين} فأبوا أن يقروا بذلك ، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم الغد بعدما أخبرهم الخبر أقبل مشتملا على الحسن والحسين في خميلة له وفاطمة تمشي خلف ظهره للملاعنة وله يومئذ عدة نسوة فقال شرحبيل لصاحبه : إني أرى أمرا مقبلا إن كان هذا الرجل نبيا مرسلا فلاعناه لا يبقى على وجه الأرض منا شعر ولا ظفر إلا هلك فقالا له : ما رأيك فقال : رأيي أن أحكمه فإني أرى رجلا لا يحكم شططا ابدا ، فقالا له : أنت وذاك ، فتلقى شرحبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني قد رأيت خيرا من ملاعنتك قال : وما هو قال : حكمك اليوم إلى الليل وليلتك إلى الصباح فمهما حكمت فينا فهو جائز ، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يلاعنهم وصالحهم على الجزية.
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبو نعيم في

الصفحة 606