كتاب الدر المنثور (تفسير السيوطي) (اسم الجزء: 3)

أكنف راعيك وأقتبس منك بعض ما عندك لعل الله أن ينفعني به فقال أبو ذر : إن صاحبي من أطاعني فإما أنت مطيعي فأنت لي صاحب وإلا فلا ، قلت : ما الذي تسألني فيه الطاعة قال : لا أدعوك بشيء من مالي إلا توخيت أفضله ، قال : فلبثت معه ما شاء الله ثم ذكر له في الماء حاجة فقال : ائتني ببعير من الإبل فتصفحت الإبل فإذا أفضلها فحلها ذلول فهممت بأخذه ثم ذكرت حاجتهم إليه فتركته وأخذت ناقة ليس في الإبل بعد الفحل أفضل منها فجئت بها فحانت منه نظرة فقال : يا أخا بني سليم خنتني ، فلما فهمتها منه خليت سبيل الناقة ورجعت إلى الإبل فأخذت الفحل فجئت به فقال لجلسائه : من رجلان يحتسبان عملهما قال رجلان : نحن ، قال : أما لا فأنيخاه ثم اعقلاه ثم انحراه ثم عدوا بيوت الماء فجزئوا لحمه على عددهم واجعلوا بيت أبي ذر بيتا منها ففعلوا ، فلما فرق اللحم دعاني فقال : ما أدري أحفظت وصيتي فظهرت بها أم نسيت فأعذرك قلت : ما نسيت وصيتك ولكن لما تصفحت الإبل وجدت فحلها أفضلها فهممت بأخذه فذكرت حاجتكم إليه فتركته فقال : ما تركته إلا لحاجتي
إليه قلت : ما تركته إلا لذلك قال : أفلا أخبرك بيوم حاجتي إن يوم حاجتي يوم أوضع في حفرتي فذلك يوم حاجتي ، إن في المال ثلاثة شركاء : القدر لا ينتظر أن يذهب بخيرها أو شرها والوارث ينتظر متى تضع رأسك ثم يستفيئها وأنت ذميم وأنت الثالث

الصفحة 664