كتاب دراسات وتوجيهات إسلامية

إنما يقصد بها طاعة الله، لأن إمام المسلمين مكلف بتنفيذ شريعة الله، وإلا فلا تلزم طاعته، كما قال أبو بكر رضي الله عنه بعد مبايعته بالخلافة: (أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإن عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم)، وهذا هو السر في إضافة قوله: منكم، إلى أولي الأمر، أي أن الطاعة لأولي الأمر مقيدة بأن يكونوا من المسلمين عملا، لا نسبة، لتكون طاعتهم لله.
وإنما أمر الناس أن يسألوا عما جهلوا إذ قال: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}، وأمر العلماء أن لا يكتموا ما علمهم الله وكتب اللعنة على من كتم ما أنزل الله إذ قال: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ}، ورغب في هداية الناس على لسان نبيه القائل: "لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم"، والقائل "الدال على الخير كفاعله"، بل جعل الدعوة إلى الله وقيادة الناس إلى ساحل النجاة وظيفة للعلماء ورثة الأنبياء، إذ قال: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}، وجعل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شعار هذه الأمة إذ قال: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}، فلم يذكر بعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا الإيمان بالله وإن الله- بعد هذا كله- قد ربط بين المسلمين جميعا برباط الأخوة الدينية، ولم يربط بينهم برباط سيادة بعضهم على بعض، إذ قال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، بل إن الإسلام ليذهب أبعد من ذلك فيجعل السيادة للخادم لا للمخدوم إذ يقول صلى الله عليه وسلم: "سيد القوم خادمهم".
ونحن- بعد هذا- نؤيد كل داع إلى الله على بصيرة بالمنهج الديني المشروع.
{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}.

الصفحة 250