كتاب درة التنزيل وغرة التأويل

ثم يمضي ويقول: قال الخطيب: فالجواب عندي: أن الأول إخبار عن عذاب لم يمكن الله أحدا من
50
فعله: وهو ضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم عند نزع أرواحهم. والثاني: إخبار عن عذاب مكن الناس من فعل مثله وهو الإهلاك والإغراق.
وبالرجوع إلى كلام الخطيب من كتابه درة التنزيل في هذه المسألة، وهي السؤال عن فائدة التكرار في سورة الأنفال في موضعين (190) نجد أن هناك تطابقا شبه كامل، حيث يقول الخطيب:
وهذه المسألة قد أجاب عنها بعض أهل النظر بأن قال: أخبر الله تعالى عن إجراء العادة فيهم بنوعين من العذاب مختلفين، وإذا كان كذلك لم تكرارا، لأنه ذكر في الآية الأولى عقوبته إياهم عند الموت، والبشارة التي أتتهم بعذاب الحريق، وأنه فعل بهم ذلك كما فعله بآل فرعون، من كان قبلهم من الكفار، ثم ذكر في الثانية ما يفعله بهم من شدة عقابه بعد الموت كما فعله بآل فرعون ومن كان قبلهم من الكفار، وما أجرى عليه العادة في تعذيبه إياهم بعد الموت في القبور وغيرها. ثم استمر الخطيب قائلا: والجواب عندي: أنه أخبر في الأولى عما عاقبهم به من العذاب الذي لم يملك الناس إيقاعه، ولم يكن بعضهم من أن يفعل ببعض مثله، وهو ضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم عند نزع أرواحهم، وإخبارهم إياهم بمصيرهم إلى عذاب يحرقهم، وفي الثانية أخبر عما أنزله بهم من العذاب الذي مكن الناس من فعل مثله، وهو الإهلاك والإغراق، لأن ذلك مما أقدر الله تعالى العب عليه (191) . اهـ

الصفحة 101