كتاب درة التنزيل وغرة التأويل

الأحاديث والآثار:
كان الخطيب مقلا من الاستشهاد بالحديث والأثر، وما قلة شواهده من الحديث والأثر إلا دليل عدم ربط التوجيه في الآيات المتشابه بهما كثيرا، لأن موضوع الكتاب كان منصبا على معرفة الحكمة والسر في التغير الحاصل في بعض ألفاظ القرآن الكريم للقصة الواحدة أو الموضوع الواحد، من تقديم وتأخير، أو جمع وإفراد، وإلى غير ذلك من أنواع التشابه.
ومن الأمثلة التي تدل على استشهاده بالحديث الشريف ما جاء في الآية الثامنة عشر من سورة البقرة:
قوله تعالى "ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقبربوها" [البقرة: 187] . وقال في موضع آخر من هذه السورة "تلك حدود الله فلا تعتدوها" [البقرة: 229]
وفي هذا الموضع يقول الخطيب:
للسائل أن يسأل فيقول: كيف اختص الموضع الأول بقوله "فلا تقربوها"
والموضع الثاني بقوله " فلا تعتدوها؟
الجواب أن يقال: الأول خرج على أغلظ الوعيد كما قال ولا تقربا هذه الشجرة [البقرة: 35] وإنما كان نهى عن أكلها لا عن الدنو منها، فخرج مخرج

الصفحة 146