كتاب درة التنزيل وغرة التأويل

تعالى: (بإذني) مضافا إلى ضميره سبحانه وتعالى، ووجه ذكر قوله تعالى: (بإذن الله) مضافا إلى الظاهر، وهو لفظ الجلالة، حيث قال في هذا الموضع:
مسألة في ذلك: قد قال بعض أهل النظر في معنى هذه الآية: إنما قال: (.. فيكون طيرا بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص وأحييي الموتى بإذن الله..) ، فذكر إذن الله في هذين الموضعين، ولم يقل بإذن الله في قوله: (..أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير) ولا في قوله: (فأنفخ فيه) ولا في قوله: (وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم..) ، لأن ما وصفه من هذه الأفعال إنما هي أفعاله، ولم تكن فعلا لله تعالى، فلهذا لم يذكر أن ذلك كان بإذن الله، كما ذكر الإذن فيما وصفه من
@@@
73
قبل مما فعله الله عز وجل دونه، وذلك أنه لم يعن بالإذن أمره له بأن يطيعه في ذلك، وإنما عنى به أن الله تعالى هو الذي فعله، فلهذا جعل ذكر الإذن فصلا بين فعله وفعل الله تعالى.
ثم قال تعليقا على ذلك: قلت ذلك سهوا منه، لأن الذي ذكر أنه لم يذكر معه إذن الله، لأنه من فعل عيسى على نبينا وعليه السلام، فقد نطقت سورة المائدة بخلافه، وهو قوله تعالى: (.. وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون

الصفحة 155