كتاب درة التنزيل وغرة التأويل

@@@
76
المطلب السابع القيمة العليمية، وأثره:
تأتي أهمية كتاب درة التنزيل وغرة التأويل من كونه أول كتاب وصل إلينا خالصا لتوجيه وتفسير الآيات المتشابهة في القرآن الكريم.
وقد أشار الخطيب في مقدمة كتابه الدرة إلى أنه لم يجد أحدا من العلماء قبله، تناول هذا النوع من التأليف، وأقره على ذلك ابن الزبير ت 708هـ في كتابه ملاك التأويل، وصرح بأن كتاب درة التنزيل وغرة التأويل للخطيب أول كتاب عرف من بين الكتب المؤلفة في توجيه الآيات المتشابهة لفاظا، ولم يعرف قبله كتاب آخر في موضوعه.
هذا، ومن ناحية أخرى فإن أهمية كتاب الخطيب لا تقتصر على سبقه وحسب، بل تظهر فيما انطوى عليه من توجيهات علمية سديدة، وفوائد نادرة، تكشف عن كثير من جوانب الإعجاز في القرآن الكريم، وتبرز عظمة القرآن في مبانيه ومعانيه، وما أودعه الله تعالى فيه من دقائق الأساليب، وجوامع الإحكام والإتقان، ومراعاة أدق الفروق عند استعمال الألفاظ، في القصص والأخبار المكررة، التي طعن الملحدون في القرآن الكريم بها، لأنهم يجهلون أسرارها، وما وراءها، ومن جهل شيئا عاداه كما قيل بحق.
وقد جاء هذا الكتاب فريدا في شموله لكثير من الآيات التي تتكرر وتشبه على بعض الناس، وفي منهج تأليفه التوجيهي الدقيق، وهو يضم في أعطافه وثناياه ما يهب القارئ ملكة التفهم لأسرار هذا الكتاب العظيم.

الصفحة 162