كتاب درة التنزيل وغرة التأويل

قدم (لا إله إلا هو) في هذه السورة، لأن فيما قبله ذكر الشركاء والبنين والبنات، فدفع قول قائليه بقوله: (لا إله إلا هو) ، ثم قال: (خالق كل شيء) .
وفي المؤمن قبله ذكر الخلق، وهو لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس) غافر: 57، فجرى الكلام على إثبات خلق الناس، لا على نفي الشريك: فقدم في كل سورة ما يقتضيه ما قبله من الآيات.
وقال ابن الزبير ت 708 هـ في نفس الموضع:
والجواب عن ذلك: أن آية الأنعام لما تقدم فيها قوله تعالى: (وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم) الأنعام: 100 وقوله تعالى: (أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة) الأنعام: 101 كان الملائم نفي ما جعلوه وادعوه من الشركاء، والصاحبة والولد، فقدم ما الأمر عليه من وحدانيته سبحانه وتعالى عن الشركاء، والولد فقال: (لا اله إلا هو) وعرف العباد
@@@
79
بعد بأن كل ما سواه سبحانه خلقه وملكه فقدم الأهم في الموضع.
وأما آية غافر فتقدمها قوله تعالى: (لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس) غافر: 57 ثم قوله تعالى: (الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا..) غافر: 61، فلما تقدم ذكر الخلق الأعظم ولم يتقدم هنا ما تقدم في آية الأنعام ما أتبع بالتنبيه على أنه سبحانه خالق كل شيء فكان تقديم هذا التعريف

الصفحة 168