كتاب درة التنزيل وغرة التأويل

قال بعض المحققين: لأن هذه الآية جاءت بعد قوله تعالى: (وجعلوا لله شركاء) الأنعام: 100، فلما قال جل شأنه: (ذلكم الله ربكم) أتى بعده بما يدفع الشركة فقال عز قائلا: (لا اله إلا هو) الأنعام: 102 ثم (خالق كل شيء) الأنعام: 102 وتلك جاءت بعد قوله سبحانه: (لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون) غافر: 57، فكان الكلام على تثبيت خلق الناس وتقريره، لا على نفي الشريك عنه جل ش"أنه كما كان في الآية الأولى، فكان تقديم (خالق كل شيء) هناك أولى، والله تعالى؟ أعلم بأسرار كلامه.
وقد نقل الفخرالرازي ت 606هـ في تفسيره المسمى ب مكفاتيح الغيب عن كتاب درة التنزيل من غير عزو إليه باختلاف يسير في الألفاظ، حيث جاء فيه.
قوله تعالى (واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون) البقرة: 48، اعلم أن اتقاء اليوم اتقاء لما يحصل في ذلك اليوم من العقاب
@@@
80
والشدائد، لأن نفس اليوم لا يتقي، ولا بد من أن يرده أهل الجنة والنار جميعا، فالمراد ما ذكرناه.
ثم إنه تعالى وصف اليوم بأشد الصفات وأعظمها تهويلا، وذلك لأن العرب إذا دفع أحدهم إلى كريهة وحاولت أعوانه دفاع ذلك عنه بذلك ما في نفوسها الأبية من مقتضى الحمية فذبت عنه كما يذب الوالد عن ولده بغاية قوته. فإن رأى

الصفحة 170