كتاب درة التنزيل وغرة التأويل

وجوابنا أنه لا تكرار في ذلك، لأن قوله تعالى: (لا أعبد ما تعبدون) المراد به في المستقبل، وقوله تعالى (ولا أنت عابدون ما أعبد) الكافرون: 3-5 المراد به في الحال، (ولا أنا عابد ما عبدتم) الكافرون 4، المراد به في المستقبل، وفي الحال: أي لا أعبد ما تقدمت عبادتكم له، ومن يعد ذلك تكرارا فمن قلة معرفته، وتدبره، لأنه ينظر إلى اللفظ الثاني: توجيه مفرد بالتأليف، مستقل في كتب خاصة به والذين سلكوا هذا النوع من التأليف في
ويعدل عن تأمل المعنى)) (68) اهـ
متشابه القرآن اتخذوا محورا خاصا من حيث كيفية تناوله، ومن حيث معالجته، حيث إنهم
36
يذكرون الوجوه المحتملة في بيان هذا النوع من التفسير، وذلك يتم بعد تتبع الآيات ذات الموضوع الواحد، أو ذات الأسلوب الواحد، وفي ذلك يستعملون طريقة طرح السؤال والجواب عنه، كما في درة التنزيل لأبي عبد الله الخطيب ت 420هـ، وملاك التأويل لابن الزبير الغرناطي ت 708 هـ، وكشف المعاني لأبي عبد الله ابن جماعة ت 733هـ.
ومن الجدير بالذكر أن هؤلاء الذين يؤلفون في توجيه الآيات المتشابهات لا يقفون عند كل آية هي من المتشابه اللفظي، بل يتنقلون بين الآيات المتشابهة منتقين ما يحتاج إلى توجيه، تاركين توجيه ما لا يحتاج إلى أعمال فكر، وما لا يبدو فيه إشكال. ومن هذا اختلف المتشابه بالنسبة للأفراد والعلماء بحسب دائرة علم كل منهم، فما يهتدي إليه عالم قد يغفل عنه الآخر، وقد تشبهه الآية على عالم ولا تشبهه على غير وهكذا، ومما لا شك فيه أيضا أن قدرات المشتغلين بتوجيه الآيات من هذا

الصفحة 71