كتاب دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين ط مجمع البحوث (اسم الجزء: 1)
على [5374]، فها نحن نرى أنها لم تبلغ الستة آلاف فضلاً عن أن تزيد عن العشرة.
وفي الحق أن صدور الكتب لم تضق بأحاديث أبي هريرة وإنما تضيق بها صدور أمثاله من أعداء السنن والأحاديث، والجهلاء بأقدار الصحابة ومنزلتهم في العلم والرواية، وقد قدمنا لك السبب في إكثاره من الرواية، كما قدمنا رأي الصحابة فيه، والتابعين وأئمة العلم والدين، وإذا كان أمره يباين أمر الصحابة جميعًا فكيف خفى هذا على قرن التابعين وهو من خير القرون بشهادة الرسول، حتى روى عنه نحو ثمانمائة من أهل العلم والرواية كما قال الإمام الكبير البخاري؟!!.
في [ص 203) عرض لرواية كبار الصحابة كالخلفاء الأربعة وأمثالهم وقلة الرواية عنهم، وقد بَيَّنْتُ فيما سبق قلة الرواية - نِسْبِيًّا - عن الخلفاء الأربعة ولا سيما الشيخان أبو بكر وعمر، وأن ذلك كان لاشتغالهم بمهام الخلافة ونشر الإسلام، ولم يكن ذلك لقلة ما سمعوه من رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولا لنسيانهم ما حفظوه، ولا للشك والريبة في الصحابة الذين تفرغوا لسماع الحديث وحفظه ونشره، كَمَا رَدَّدَ أَبُو رَيَّةَ في غير موضع من كتابه، وقد أفضت فيما سبق في بيان أن كثرة الرواية يرجع إلى عوامل منها: التفرغ، وقوة الحفظ، وقلة الشواغل الدنيوية، وتأخر الوفاة، والتصدي للعلم والفتيا، فكن على ذكر منه.
اِتِّهَامُهُ لِلْصِدِّيقِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -:
ومن تظنناته التي لا يشهد لها عقل ولا نقل قوله في الصدِّيق: وإن مِمَّا يلفت (¬1) (كذا) النظر حَقًّا أن تجد مثل أبي بكر على ما أوتي من قوة
¬__________
(¬1) في " القاموس ": لَفَتَه يَلْفِتُهُ: «لَوَاه، وصَرَفَه عن رَأيِهِ»، واستعمالها بمعنى وجه وجذب عامي.