كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 2)

الوجه الثالث: أن يقال: إن قول القائل: (إن الأمة اجتمعت على تنزه الله تعالى عن النقص، وقوله: أجتمعت على تنزيه الله تعالى عن العيب والآفة ونحو ذلك) .
وهذا القدر ليس بمنقول اللفظ عن كل واحد من الأمة، لكن نحن نعلم أن كل مسلم فهو ينزه الله تعالى عن النقص والعيب، بل العقلاء كلهم متفقون على ذلك، فإنه ما من احد ممن يعظم الصانع سبحانه وتعالى وصف الله بصفة وهو يعتقد أنها آفة وعيب ونقص في حقه، وإن كان بعض الملحدين يصفه بما يعتقده هو نقصاً وعيباً، فهذا من جنس نفاة الصانع تعالى، ولهذا كان نفاة الصفات إنما نفوها وهم يعتقدون أن إثباته يقتضي النقص كالحدوث والإمكان ومشابهة الأحياء، مثبتوها إنما اثبتوها لاعتقادهم أن إثباتها يوجب الكمال.
وعدمها يستلزم النقص والعدم ومشابهة الجمادات، وكذلك مثبتة القدر ونفاته، بل بعض نفاة النبوة زعموا أنهم نفوها تعظمياً لله أن يكون رسوله من البشر، وأهل الشرك أشركوا تعظيماً لله أن يعبد بلا وساطة تكون بينه وبين خلقه.
فإذا كان كذلك فمن المعلوم:

الصفحة 336