كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 2)

أن الإنسان لو احتج بإجماع المسملين على نفي النقص والعيب عن الله تعالى على من يثبت الصفات، مدعياً أن إثباتها نقص وعيب أو بالعكس، لقال له المثبتة: نحن لم نوافقك على نفي هذا المعنى الذي سميته أنت نقصاً وعيباً، فلا تحتج علينا بالموافقة على لفظ لم نوافقك على معناه، وأمكنهم حينئذ أن يقولون: نحن ننازعك في هذا المعنى وإن سميته أنت نقصاً وعيباً، فلا يكون حجة ثابتة، إلا أن يقوم دليل على انتفاء ذلك غير الإجماع المشروط بموافقتهم.
الوجه الرابع: أن يقال له: قولك: (إجماع الأمة على أن صفاته كلها صفات كمال) إن عنيت بذلك صفاته كلها اللازمة له لم يكن في هذا حجة لك، وإن عنيت ما يحدث بقدرته ومشيئته لم يكن هذا إجماعاً، فإنك أنت وغيرك من أهل الكلام تقولون: إن صفة الفعل ليست صفة كمال ولا نقص، والله موصوف بها بعد أن لم يكن موصوفاً، فكونه خالقاً ومبدعاً وعادلاً ومحسناً ونحو ذلك عندك أمور حادثة متجددة، وليست صفة مدح ولا كمال، وإن قلت (المفعولات ليست قائمة به، بخلاف ما يقوم به) .
قيل لك: هب أن الأمر كذلك، لكن ما يحدث بقدرته ومشيئته إما أن يقال: هو متصف به أولا يقال: هو متصف به، فإن قيل (ليس

الصفحة 337