كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 2)

صفاته لا تكون إلا صفة كمال) أضعف من احتجاجه بإجماعهم على تنزيه عن صفة النقص، فإن كونه منزهاً عن صفات النقص مشهور في كلام الناس، وأما كون صفاته لا تكون إلا صفات كمال، فليس هذا اللفظ مشهوراً معروفاً عن الأئمة، ومن اطلق ذلك منهم فإنما يطلقه على سبيل الإجمال، لما استقر بالقلوب من ان الله موصوف بالكمال دون النقص.
وهذه الإطلاقات لا تدل على دق المسائل، ولوقيل لمطلق هذا: (كونه يفعل أفعالاً بنفسه يقدر عليها ويشاؤها هو صفة نقص أو كمال) ؟ لكان إلى أن يدخل ذلك في صفات الكمال أو يقف عن الجواب أقرب منه إلى أن يجعل ذلك من صفات النقص.
الوجه السادس: أن هذا الإجماع حجة عليهم، فإنا إذا عرضنا على العقول موجودين أحدهما يمكنه أن يتكلم ويفعل بمشيئته كلاماً وفعلاً يقوم به والآخر لا يمكنه ذلك بل لا يكون كلامه إلا غير مقدور له ولا مراد، أو يكون بائناً عنه - لكانت العقول تقضي بأن الأول أكمل موجودين وكذلك إذا عرضنا على العقول

الصفحة 339