كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 2)

وقد يقال: هذا من جنس تطبيق الحوادث الماضية إلى اليوم بالحوادث الماضية إلى أمس، فإن كلاهما لا يتناهى مع التفاضل.
وهو الوجه الخامس الذي سيأتي.
لكن بينهما فروق مؤثرة:
منها: أنه هناك هذه الحوادث هي تلك بعينها، لكن زادت حوادث اليوم، فغاية تلك: أن يكون ما لا إبتداء له من الحوادث لا يزال في زيادة شيئاً بعد شيء، وأما هنا: فهذه الدورات ليست تلك.
ومنها: أنه هناك فرض انطباق اليوم على الأمس، مع اشتراكهما في عدم البداية، وهذا التطبيق ممتنع.
فإن حقيقته: أنا نقدر تماثلهما وتفاضلهما، فإنه إذا طبق أحدهما على الآخر لزم التماثل مع التفاضل، لأنهما استويا في عدم البداية وفي حد النهاية، وهما متفاضلان، وهذا تقدير ممتنع، بخلاف الدورتين، فإنهما هنا مشتركان في عدم البداية، وفي حد النهاية، فالتفاضل هنا حاصل مع الاشتراك في عدم النهاية عند هؤلاء، فهذا لا يحتاج إلى فرض وتقدير، حتى يقال: هو تقدير ممتنع، بخلاف ذلك.
ولكن التقابل يوافق ذلك التقابل في أن كليهما قد عدمت فيه الحوادث الماضية، ويوافقه في أن كليهما قد قدر فيه انتهاء الحوادث من أحد الجانبين، فهما متفقان من هذين الوجهين، مفترقان من ذينك الوجهين.

الصفحة 362