كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 2)

الدليل يقوم على نقيضه، ولهذا لما لم يكن في نفس الأمر بينهما فرق لم يحدد المفرقون بينهما حداً بفصل بينهما، بل ما ذكروه من الضوابط منتقض، كما هو مبسوط في موضعه، وإذا كانت الصفتان متلازمتين في الوجود والعدم والثبوت والانتفاء، لا توجد هذه إلا مع هذه، وإذا انتفت هذه انتفت هذه: كان التفريق بجعل إحداهما مقومة والأخرى عرضية تحكماً.
ثم إذا قيل: الذات هي المركبة من الصفات الذاتية، والصفات الذاتية ما لا تتصور الذات إلا بها، لم تعرفه الذات إلا بالصفات الذاتية، ولا الصفات الذاتية إلا بالذات.
وأيضاً، فإن هذا مبني على أن وجود الشيء في الخارج زائد على حقيقته الموجودة في الخارج، وهو أيضاً قول باطل ضعيف.
وأيضاً، فالذات الموجودة في الخارج القائمة بنفسها كهذا والإنسان: إن قيل: (إنه مركب من عرضين) .
لزم كون الجوهر مركباً من عرضين، وإن يكونا سابقين له، وهذا ممتنع في البديهة، وإن قيل: (إنه ركب من جوهرين كل منهما يحمل عليه، كما يقال: هو حيوان ناطق) لزم أن يكون فيه جوهران، أحدهما: حيوان، والآخر: ناطق، وهذا مكابرة للحس والعقل، إذ هو حيوان واحد موصوف بأنه ناطق.

الصفحة 375