كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 2)

عن الاختلاف، وإلا فإذا أخذت الذاتين مشروطتين بالاختلاف لم يكونا متماثلتين التماثل الذي لا يشترط فيه الاختلاف، كيف والتماثلان يجوز على أحدهما ما يجوز على الآخر؟ والشيء في حال سواده لا يجوز أن يكون أبيض، وهو في حال بياضه لا يكون أسود؟ فلا يكون الأسود حال كونه مشروطاً بالسواد يجوز عليه ما يجوز على الأبيض حال كونه مشروطاً بالبياض.
وقول القائل: (إن الإختلاف بين الحركة والسكون عارض بسبب المسبوقية بالغير) ليس بمسلم له، فإنه يعقل التضاد بينهما مع عدم خطور المسبوقية بالبال، كما يعقل التضاد بين العلم والجهل، والقدرة والعجز، والسواد والبياض.
وقول القائل: (ليس جعل السكون عبارة عن عدم الحركة بأولى من العكس) دعوى مجردة، فلا نسلم انتفاء هذه الأولوية، بل هذه الدعوى بمنزلة قول القائل: ليس جعل العمى عدم البصر بأولى من العكس، وليس جعل الصمم عدم السمع بأولى من العكس، وليس جعل الجهل البسيط عدم العلم بأولى من العكس، وليس جعل المتقابلين عدماً والآخر وجوداً بأولى من العكس.
ومعلوم أن كل هذه دعاى مجردة بل باطلة، فإنا نعلم بالحس أن الحركة أمر وجودي، كما نعلم أن الحياة والعلم والقدرة، والسمع والبصر أمر وجودي، وأما كون ما يقابل ذلك هو ضد ما ينافيها أو

الصفحة 382