كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 3)

القول الثاني: قول من ينفي هذه الصفات كما ذكره الشهرستاني وغيره، وهو أضعف الأقوال، فإن عندته أنه لو كان لله صفة غير لوجب أن ينصب عليها دليلاً نعلمه ولم ينصب فلا صفة له وكلتا المقدمتين باطلة فإن دعوى المدعي أنه لا بد أن ينصب الله تعالى على كل صفة من صفاته دليلاً باطل، ودعواه أنه لم ينصب دليلاً إلا نعلمه هو أيضاً باطل كما قد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع فإن هذه القاعدة إنما هي معدة لجمل المقاصد.
والثالث قول الوافقة الذين يجوزون إثبات صفات زائدة لكن يقولون لم يقم عندنا دليل على نفي ذلك ولا إثباته وهذه طريقة محققي من لم يثبت الصفات الخبرية وهذا أختيار الرازي والأمدي وغيرهما.
وأئمة أهل السنة والحديث من اصحاب الأئمة الأربعة وغيرهم يثبتون الصفات الخبرية لكن منهم من يقول لا نثبت إلا ما في القرآن والسنة المتواترة وما لم يقم دليل قاطع على إثباته نفيناه كما يقوله ابن عقيل وغيره أحياناً ومنهم من يقول بل نثبتها بأخبار الآحاد المتلقاة بالقبول ومنهم من يقول نثبتها بالأخبار الصحيحة مطلقاً ومنهم من يقول يعطى كل دليل حقه فما كان قاطعاً في الإثبات قطعنا بموجبه وما كان راجحاً لا قاطعاً قلنا بموجبه فلا

الصفحة 383