كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 5)

والثاني بيان بطلان كلامه وكلامهم الذي وافقوهم عليه.
أما الأول فإن هؤلاء وافقوه على نفي الصفات وأن التوحيد الحق هو توحيد الجهمية المتضمن أن الله لا علم له ولا قدرة ولا كلام ولا رحمة ولا يرى في الآخرة ولا هو فوق العالم فليس فوق العرش إله، ولا على السماوات رب ومحمد لم يعرج به إلى ربه.
والقرآن أحسن أحواله عندهم أن يكون مخلوقاً خلقه في غيره أن لم يكن فيضاً فاض على نفس الرسول، وأنه سبحانه لا ترفع اليدي إليه بالدعاء، ولم يعرج شيء إليه ولم ينزل شيء منه: لاملك ولا غيره ولا يقرب أحد إليه ولا يدنو منه شيء، ولا يتقرب هو من أحد، ولا يتجلى لشيء، وليس بينه وبين خلقه حجاب وأنه لا يحب ولا يبغض ولا يرض ولا يغضب، وأنه ليس داخل العالم ولا خارجه ولا مبايناً للعالم ولا حالاً فيه، وإنه لا يختص شيء من المخلوقات بكونه عنده، بل كل الخلق عنده بخلاف قوله تعالى {وله من في السماوات والأرض ومن عنده} الأنبياء 19.
وأنه إذا سمي حياً عالماً قادراً سميعاً بصيراً فهو حي بلا حياة عالم بلا علم، قادر بلا قدرة سميع بلا سمع بصير بلا بصر إلى أمثال هذه الأمور التي يسمي نفيها الجهمية توحيداً ويلقبون أنفسهم بأهل التوحيد، كما يلقب الجهمية من المعتزلة وغيرهم أنفسهم بذلك وكما لقب ابن

الصفحة 19