كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 5)

وهذا بمنزلة متكلم بلا كلام ومريد بلا إرادة ومتحرك بلا حركة ومحب بلا محبة ومصل بلا صلاة وصائم بلا صيام وحاج بلا حج، وأبيض بلا بياض، وأسود بلا سواد، وحلو بلا حلاوة، ومر بلا مرارة، وطويل بلا طول، وقصير بلا قصر، ونحو ذلك من الألفاظ المشتقة: كاسم الفاعل، واسم الفعول، والصفة المعدولة عنهما.
فإن لم يكن هذا باطلاً في بدائه العقول عقلاً وسمعاً لم يكن لنا طريق إلى معرفة الحق من الباطل، ولهذا كان هؤلاء النفاة يعودون في آخر الأمر إلى السفسطة في العقليات والقرمطة في السمعيات.
وغن كان معنى قوله هل هو عالم بالذات أو بعلم ان هنا ذاتاً مجردة موجودة بدون العلم وان العلم زائد عليها ن فهذا تصور فاسد فإن الذات المجردة عن العلم اللازم لها غنما تقدر في الأذهان، لا حقيقة لها في الأعيان.
ولفظ الذات يراد به الذات الموصوفة بالعلم وحينئذ فقولنا هل هو عالم بالذات أو بالعلم كلام واحد لأن لفظ الذات متضمن للعلم على هذا التفسير، فلا يكون قولنا أو بالعلم قسماً آخر.
ويراد بالذات المجردة عن العلم فهذه لا حقيقة لها إذا كانت الذات لاتكون إلا عالمة، كما أن ما لا يكون إلا حياً لا يمكن وجوده

الصفحة 34