كتاب درء تعارض العقل والنقل (اسم الجزء: 6)

وجودها على نحو وجود المحسوسات، فلم يمكن أن يتمثل ذلك الوجود في الوهم، ولهذا كان الوهم مساعداً للعقل في الأصول التي تنتج وجود تلك المبادئ، فإذا تعديا معاً إلى النتيجة نكص الوهم، وامتنع عن قبول ما سلم موجبه.
وهذا الضرب من القضايا أقوى في النفس من المشهورات التي ليست بأولية، وتكاد تشاكل الأوليات، وتدخل في المشبهات بها، وهي أحكام للنفس في أمور متقدمة على المحسوسات، أو أعم منها، على نحو ما يجب أن لا يكون لها، وعلى نحو ما يجب أن يكون أو يظن.
في المحسوسات، مثل اعتقاد المعتقد أنه لا بد من خلاء ينتهي إليه الملاء إذا تناهى، وانه لا بد في كل موجود من أن يكون مشاراً إلى جهة وجوده) .
فيقال له: هذا الكلام إنما يصح أن لو ثبت وجود أمور لا يمكن الإحساس بها، حتى يكون حكم هذه في ما هو مقدم على تلك، أو ما هو أعم منها، وثبوت وجود هذه الأمور إنما يصح إذا ثبت إمكان ذلك، وإمكان ذلك إنما يصح إذا ثبت بطلان هذه القضايا التي يسميها الوهميات، فلو أبطلت هذه الوهميات بإثبات ذلك لزم الدور، فإن هذه القضايا تحكم بامتناع وجود ما لا يمكن الإشارة إليه، والمقدمات

الصفحة 102